مهربو المكالمات الدولية يتسببون بخسائر تصل إلى 5 مليارات ليرة في السنة!! عشرات الملايين من الدولارات للاتصالات مجمدة في الخارج ____ شركتا الخليوي ربحتا دعوى «أمر بدء التشغيل» صحافة وإعلام
خلال الأشهر الماضية، كان الدكتور عمرو سالم مثار أحاديث إعلامية عديدة، فقد تركزت الأضواء على عقود الوزارة ومؤسسة الاتصالات.. وعلى التوازي، تم الحديث عن تجاوزات كثيرة للمؤسسة والوزارة، وانتهت تلك الزوبعة بإقالة مدير عام مؤسسة الاتصالات ومعاونيه!
ولأن الهم الوطني لا الشخصي هو هاجسنا الأول والأخير، توجهنا إلى السيد وزير الاتصالات والتقانة الدكتور عمرو سالم وفي جعبتنا أسئلة كثيرة تبدأ بالهاتف الثابت والخليوي، مرورا بخدمة الانترنت وتداخلها مع إشكاليات شبكة تراسل المعطيات الوطنية «PDN» وصولا إلى تهريب الاتصالات وقضايا التعاقد وغيرها من الأسئلة التي تدور في أذهان المواطنين والمستثمرين على حد سواء.. استوضحنا من الوزير سالم الحقائق المتعلقة ببعض القضايا التي قرأ عنها الناس في الإعلام، وأخرى لم يتم التطرق إليها، آملين تسليط مزيد من الضوء على هذا القطاع الذي بات يحتل في الموازين الحكومية مرتبة تتقدم النفط، أو كادت... سيفاجأ القارئ، كما فوجئنا، بإصرار الوزير سالم على تسمية الأشياء والأشخاص صراحة، ولم يكن لنا سوى أن نترك الحوار كما هو بين يدي القارئ..
الهاتف الثابت
هل لك سيادة الوزير أن تلخص لنا مشكلة الهاتف الثابت في سورية؟
مشكلة الهاتف الثابت تعود إلى سنوات طويلة، فلا نستطيع تحميل مسؤوليتها لشخص بعينه، أو لمدير عام مؤسسة بعينه.. المشكلة تعود للأسباب التالية:
أولاً: في سورية لم يتواز حجما العرض والطلب، وفي الثمانينيات عندما كانت تتعرض سورية للحصار الاقتصادي، كانت هناك مشكلة مادية كبيرة، فالتوسعة للهاتف كانت تنتظر قروضاً من دول مانحة، وكانت هناك توسعة بدعم من الصندوق الكويتي، لكن توسعتي السبعينيات والثمانينيات لم تكن كافية لسد العجز الذي حصل، في حين أن توسع مليون وستمئة ألف خط الأخيرة، لا يزال منه نحو مليون خط.
لكن المشكلة تكمن في أن الضغط يتركز في مناطق التقنين ومراكز المدن والمناطق التجارية والصناعية، وفي هذا الموضوع بالذات أقول: إن المشكلة نابعة من أمرين: أحدهما الأمور التعاقدية التي تكون معقدة أكثر من اللازم، يضاف لها أن هناك غياباً لخبرات أساسية عن المؤسسة.. وبصراحة عن الدولة بشكل عام والقطاع الخاص أيضاً وهي مسألة إدارة المشاريع، فعلى سبيل المثال مشروع الهاتف الثابت، هو عبارة عن مقاسم وأبنية وشبكات هاتفية وشبكات فرعية وأجهزة بث وعلب ولوازمهما.. إذا لدينا عناصر كثيرة، وعند إنجاز مشروع بنسبة 90% فيمكن لـ 10% أن توقف المشروع، ويعتبر المشروع نسبة إنجازه 0%، لأننا إذا نفذنا كامل متطلبات المشروع ولا يوجد لدينا كابلات، فهذا عملياً يعني أننا لم نحقق شيئاً..
ولدى تناول الكابلات فإنني أستطيع القول إنه خلال السنوات الخمس الماضية، لم يدخل إلى سورية متر واحد من الكابلات!!. بل سأقول أكثر من ذلك.. هناك مناطق قامت فيها حفريات، وردمت الحفريات، دون أن يوضع فيها كابلات لأنها غير موجودة، فمركز صحنايا الذي يغذي المولات كالتاون سنتر وغيره، مثلاً، عند زيارتي له سألت عن سبب عدم تزفيت الحفريات المحفورة، قالوا لي: المحافظة لا تستطيع ذلك، لأن العمل غير منته، فأجبت: لكنني أراها مردومة؟.. قالوا نعم، تم الردم ولكن لا يوجد كابلات!!.. أليس عجيباً أن الحفر تم حفرها، وعندما لم تتوافر الكابلات بسبب خلاف حول التعاقد أو غير ذلك اضطروا للردم؟!..
هذا المثال مكرر في كثير من المناطق السورية، ولسد العجز، علينا أولاً إنجاز المسائل غير المنجزة وأول شيء أننا بحاجة إلى الكابلات، في عام 2006 ركزنا جهدنا على إنهاء عقود الكابلات، أنجزت كامل العقود، بنسبة 100% من العقود التي كنا بحاجة إليها أي تم إنجازها لثلاث سنوات للأمام، بدأت الكابلات بالتوريد في بداية 2007، لكن يجب أن نذكر أنه عند الشراء لن تأتي الكابلات بين يوم وليلة، لأن الشركات التي تم التعاقد معها بحاجة لوقت ليتم تصنيعها وتوريدها، والدفعات التي تصل أؤكد أنها لا تبقى لحظة واحدة، بل ترسل مباشرة إلى كافة أنحاء سورية للوضع في الخدمة بحسب الاختناق الأكبر فالأصغر وهكذا..
وفوق هذا وذاك، ظهرت لنا مشكلة كبيرة أخرى في الكابلات، وهي أن سعر النحاس أصبح غالياً جداً وهناك من يقوم بسرقة الكابلات، وفي هذا الإطار جرت معارك بين قوات الأمن ولصوص النحاس، وهناك من استشهد من قوات الأمن فعند تركيب الكابلات في المناطق النائية تذهب مع العمال قوات أمن لحفظهم من الغارات المسلحة للصوص، وهذه ليست ظروفاً عادية بالتأكيد!!.
من جهتنا، نحن كمؤسسة اتصالات أو كوزارة كان يجب علينا أن نخفف من الكابلات الهوائية «الأعمدة الخشبية» فالمؤسسة كانت ترى أن الكابلات من سعة دون «75 خطاً»، يجب أن تكون هوائية لأنها أقل تكلفة، ولكن عند إدخالنا لعامل السرقة والتصليح نتيجة العواصف وقطع الأسلاك من قبل صيادي الطيور، نجد أن التكلفة تكون أكثر من الأرضي، إلا بحالات استثنائية، فالأمر الذي بدأنا تنفيذه هو أننا في الحالات التي لا نستطيع من خلالها وضع كابل أرضي نلجأ للهوائي حينها، الشيء الآخر هناك في بعض المناطق في الريف نتيجة التجمعات الصغيرة ووضع التضاريس أيضاً كالساحل السوري مثلاً «جبال وأحراج» لا نستطيع الحفر فيها، وحتى الكابل الهوائي صعب، ما اضطرنا لاستخدام الاتصال اللاسلكي.
سأعود لموضوع التعاقد في المؤسسة، والذي يعد المشكلة الكبرى التي أعاقت تطور الهاتف الثابت وسألخصها بالآتي:
أولاً: طرق التعاقد التي نتعامل معها تؤدي إلى مشاكل كبيرة، فالموظفون الذين يعملون في التعاقد هم أحد ثلاثة:
- من يخاف من الرقابة والتفتيش لأنهم في كثير من الأوقات يحاسبون على أمور هي بالأساس ليس فيها خطأ وحتى يستطيع أن يثبت أنه ليس مخطئاً يكون قد تم التحقيق معه لأشهر أو لسنوات.
- أناس آخرون يستغلون القانون لتغطية فساد.
- وهناك من هم سلبيون إذ يقول لك أحدهم: لماذا أتحمل مسؤولية.. ويقول لنفسه: هل أنا من سيحل مشكلة الهاتف؟.
ثانياً: في موضوع الكابلات هناك قضيتان، الأولى تتمثل بأنه في 90% «إذا لم أقل 100%» من عقود تنفيذ الشبكات الهاتفية «تمديد الكابلات» الرئيسية أو الفرعية نجد أن المناقصة تعاد من مرة إلى ثماني مرات ولا يتقدم إليها أي متعهد، وبتصوري فإننا عندما نجري مناقصة ولا يتقدم لها أحد ونعيد الكرة لثماني مرات، فقد كان الأجدى بنا أن نبحث في سبب الإعادة وهذا الخلل.. والسبب واضح تماماً لدينا، وهو أن الكلف التقديرية التي توضع للمناقصات تكون أقل بكثير من الحقيقة ومن ثم فالمتعهد الذي سيتقدم للمناقصة يعرف مسبقاً أنه خاسر، والمتعهد الذي يتقدم لمناقصة خاسرة إما أن يكون جاهلاً بمهنته وإما أنه سيعوضها بطريقة أو أخرى على حساب التنفيذ السيئ، وغالباً الفرق يكون كبيراً ولا يتقدم أحد للمناقصات، فالقائمون على موضوع المناقصات يعتبرون أنهم إذا رفعوا الكلف التقديرية للمناقصات فإن الرقابة والتفتيش سوف تضعهم تحت المساءلة، والإنسان المبادر يستطيع أن يلجأ إلى جهة رسمية تستطيع أن تتحمل مسؤولية الكلف التقديرية، مثلاً في كل محافظة هناك فرع لنقابة المهندسين، والمهندسون الموجودون في النقابة يستطيعون وضع الكلف التقديرية بشكل جيد ومدروس وعلمي، وهم أدرى بجغرافية وطبيعة كل محافظة ومنطقة ووضع التكاليف المناسبة لها، والتي تكون أقرب إلى الواقع وبذلك لا يوجد مبرر لإعادة المناقصة مرات عديدة.
أما القضية الثانية، فتتمثل في أن عقود الكابلات التي لم تدخل إلى سورية كانت نتيجة خلاف بين المؤسسة والشركة، فللأسف عندما تبدأ بعثة تفتيشية في عقد ما «يتجمد» كل ما يتعلق بهذا العقد، ريثما تنتهي البعثة التفتيشية، وهناك بعثات بقيت ثلاث سنوات وهي تبحث في موضوع لا أستطيع تخيّل وجود بعثة تفتيشية لثلاث سنوات، فأي مسألة يمكن إنهاؤها بشهر ولا تحتاج لأكثر من ذلك، في النهاية إذا كانت المواد الموردة تفي بالغرض ولكن يوجد فيها مخالفة، فالقانون ينص على حسميات وغرامات، وهناك إجراءات متعددة، فإذا كانت لا تفي بالغرض، نقول لهم خذوها وأعطونا غيرها، أما إن تركت المسألة معلقة لثلاث سنوات وأقول: أنا والشركة مختلفان، ولا أستطيع التنفيذ، إذا كان الهدف توفير خمسة ملايين على الدولة، فأجد أن الدولة قد خسرت عدة مليارات نتيجة التأخير، إضافة لحرمان مواطن من خدمة، وهذا بحد ذاته جريمة. إذا عدنا قليلاً للغة الأرقام سأضرب مثالين أحدهما الكابلات والآخر المشروع الريفي الثالث:
المشروع الريفي الثالث...
المشروع الريفي الثالث بدأ تنفيذه وفق الخطة الخمسية في عام 2003، وكانت نسبة الإنجاز في عامي 2004 و2005 (0%)، ومن ثم فمن المؤكد أننا لن نجد أي هاتف، ومع بداية عام 2006، كانت نسبة التنفيذ 100%.. وقد بدأت عقود شبكات النفاذ الضوئي «عقد السورية- الكورية» وعقد شركة «هواوي» بالوصول مع بداية 2007، أما بخصوص الشبكات اللاسلكية فقد وصلتنا تجهيزات ستذهب مباشرة لمحافظتي حمص والسويداء.. ولم تنجز فقط العقود بل بدأت أيضاً بالتوريد والذي يورد ينفذ مباشرة.. عانينا التأخير حتى الذي يورد وينفذ ما يسمى عمليات الاستلام المؤقت التي تسمح بوضع التجهيزات بالخدمة، فهناك أناس يكونون خائفين وهنا من يستغل الحاجة فنجد مثلاً في عام 2006 نفذت تسع محطات مختلفة تجهيزات لاسلكية إنتاج الشركة السورية- الألمانية، وتم تركيبها وكانت جاهزة للوضع بالخدمة تأخرت عملية الاستلام المؤقت ستة أشهر دون أي سبب على الإطلاق، ولم يكن هناك أي خلاف مع الشركة أو أية مخالفة قانونية!!.. قمنا بالمساءلة: لماذا لم توضع بالخدمة؟ فأجبنا بأنه لم يتم استلامها، فوجهت اللجان بإنهاء عمليات الاستلام، والرد علينا سلباً أو إيجاباً خلال 48 ساعة، إذا كانت مخالفة ارفضوها وإذا كانت جيدة فليتم الاستلام فتم استلامها خلال 48 ساعة، وإذا كنت في مركز فيه تقنين فالموظف يستطيع أن يبتز المواطن عبر بيعه هاتفاً بسعر عالٍ، وهذه العملية متكررة..
وأورد هنا مثالاً حياً.. منذ أسابيع قام السيد رئيس مجلس الوزراء بتوزيع الشقق العمالية في مدينة عدرا وبقية الشقق في كل المحافظات وهذا شيء جميل للعمال أن يستلموا شققاً بالتقسيط المريح فأول حاجاتهم هو الهاتف، تبين لنا في عدرا عدم وجود أي هاتف، سوى خطين بمقسم عدرا الصناعية، وعند سؤالنا عن السبب قالوا: يوجد تجهيزات من السورية - الكورية موجودة جاهزة للاستخدام ولكن هناك خلافاً على موضوع دارات الحماية.. كان هناك محضر ما بين المؤسسة والسورية - الكورية والتي نملك 51% من قيمتها اتفقوا على حل، ومع ذلك لم يتم الاستلام فقلت لهم ما دامت السورية- الكورية لم تتلق مستحقاتها بعد ولديها تأمينات وغير ذلك من الضمانات فلا شيء يمنع من وضع التجهيزات بالخدمة ومن ثم نحل مشاكلنا معهم فكتبت لهم بوضع التجهيزات بالخدمة خلال 48 ساعة فوضعت التجهيزات خلال 48 ساعة.
المشروع الريفي الثالث هو شبكة النفاذ الضوئي لشركة «هواوي»، واكتشف أنه كان متأخراً فشركة «هواوي» طلبت تقديم التجهيزات الحديثة التي أنتجتها، ولجنة المناقصات قالت شفهياً نحن لا نريد التجهيزات الحديثة نريد التجهيزات القديمة وطال النقاش أشهراً وتبريرهم أنه غداً سوف يحاسبوننا، فكتبت لهم يجب أن تنتهوا خلال ثلاثة أيام وتأخذوا قراراً إذا كانت التجهيزات الجديدة أفضل للمؤسسة فيجب أن تقبلوا بها وعلى مسؤوليتكم ومع المبررات التي تثبت أن التجهيزات الحديثة أفضل، وإذا كانت التجهيزات القديمة المتعاقد عليها هي أفضل للمؤسسة فأيضاً ستأخذونها مع المبررات وعلى مسؤوليتكم، وبالمناسبة هذا الموضوع محلول وليس فيه أي جديد وعند حديثي مع السيد وزير المالية قال لي: إن هناك تعليمات واضحة بشأن لجان المناقصات، وهذا الموضوع ليس أول مرة يتم العمل به وهم دائماً يأخذون الأفضل للإدارة، فتمت خلال ثلاثة أيام وأخذوا بالشبكات الجديدة.
سيادة الوزير هذه القضايا أليست من صلاحيات مؤسسة الاتصالات وهل تحتاج دائماً إلى تدخل وزير؟
يفترض أنها من اختصاص المؤسسة وهي مخولة طبعاً ولكنهم يلجؤون للوزير لأن المديرين يتم ابتزازهم، فالمدير الذي يصر على موضوع معين يرفعون به تقريراً للرقابة والتفتيش بأن له مصلحة مع الشركة حتى يمرر العقد، فليس كل المديرين أصحاب مبادرات ومستعدين للمجازفة لأنه أحياناً يظلمون أناساً فهذه الحالة إذا سألت عن مشروع معين بالمصادفة فلديهم عدد هائل من المشاريع، أو هناك مدير مثابر ومهتم فيطلب مني التدخل.. هذان مثالان لطرق الاستلام وغيرها وهي معممة على الكل وفي جميع أنحاء القطر.
ولكن سيادة الوزير ألا يوجد حلول لسد العجز؟
لسد العجز وخاصة في أماكن التقنين سنة 2006، ركبنا خطوطاً فعلية بنسبة 143%، من الخطة الموضوعة، أي تجاوزنا الخطة بنسبة 43% في عدد من الأماكن، فالخطة هي 300 ألف خط، ونحن نفذنا فعلياً 429 ألف خط للمواطنين كأعلى نسبة من أي عام في تاريخ سورية وهذا يطرح موضوعاً أثير في إحدى الصحف الرسمية حول تخفيض رسم الاشتراك للهاتف الثابت من (5 آلاف ليرة سورية) إلى (1500 ليرة سورية فقط)، حيث قالوا إن التخفيض عبارة عن عمل مرتجل والذي استفاد منه الأغنياء فقط.. في الحقيقة يؤسفني أنني لا أستطيع الحكم على الصحفي الذي كتب المقال ربما الذي زوده بالمادة كان لديه هدف معين والذي زوده يعلم تماماً أن هذا الكلام كذب، لأن تخفيض رسم الاشتراك كان بناء على دراسة تمت مناقشتها بمجلس الوزراء، فعند تخفيض مبلغ كهذا فإن وزارة المالية ستعترض وستقف في وجهه، الحقيقة أننا لاحظنا