فضائل اسلاميه

من أجل الاخلاق وعظيم النعم نعمة الصدق‏.‏ فقد بلغ من عناية الاسلام بهذا الخلق العظيم عناية فائقة إن جعله المدخل الاسمي للايمان‏..‏ فصدق المؤمن ينفي عنه الكذب‏..‏ فنور الصدق في قلب المؤمن يطارد ضراوة المعصية‏.‏ فقد سئل رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ أيكون المؤمن جبانا؟

قال‏:‏ نعم قيل له‏:‏ أيكون المؤمن بخيلا ؟ قال‏:‏ نعم قيل‏:‏ أيكون المؤمن كذابا؟ قال‏:‏ لا‏..‏ رواه الامام مالك في الموطأ‏.‏

قد يسأل المسلم‏:‏ لماذا بلغ الصدق هذه المنزلة الرفيعة من بين الأخلاق ؟ نعم‏.‏ بلغ الصدق هذه المنزلة لأننا إذا نظرنا الي حقيقة الصدق لوجدناه يلغي أقوال العبد وأفعاله بعباءته سواء أكانت‏:‏ عقيدة ؟ أو عبادة ؟ أو معاملة ؟ أو سلوكا‏.‏ وإذا اردنا ان نقف علي هذه المعاني لوجدناها جليلة القدر عظيمة الأثر‏.‏ نستقي هذه المعاني من قول الله سبحانه ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين‏.‏

ومما رواه البخاري ومسلم وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي الي البر وان البر يهدي الي الجنة‏.‏ ومايزال الرجل يصدق ويتحري الصدق حتي يكتب عند الله صديقا‏.‏ وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي الي الفجور وان الفجور يهدي الي النار وما يزال الرجل يكذب ويتحري الكذب حتي يكتب عند الله كذابا‏.‏

وإليك يا أخي القارئ صورة من الصدق تبين لك منزلته مع صاحبه‏.‏ وكيف انه يحصنه من الوقوع في المعصية‏.‏ فلا يستهويه الشيطان طالما التزم بصدق الجنان‏.‏ فقد ورد في تفسير الرازي ان رجلا أسلم علي شرط ألا يكذب‏.‏ وإليك القصة‏:‏ ـ

فقد جاء أن رجلا جاء الي النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ وقال‏:‏ إني أريد أن اؤمن بك إلا إني أحب الخمر‏,‏ والزنا‏,‏ والسرقة‏,‏ والكذب‏.‏ والناس يقولون‏:‏ إنك تمنع هذه الاشياء وتحرمها‏.‏ ولا طاقة لي علي تركها بأسرها‏.‏ فإن قنعت مني بترك واحد منها آمنت بك‏.‏ فقال ـ صلي الله عليه وسلم ـ اترك الكذب فقبل ذلك ثم اسلم‏.‏

فلما خرج من عند النبي عرضوا عليه الخمر فقال‏:‏ إن شربت وسألني رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ عن شربها وكذبت فقد نقضت العهد‏.‏ وإن صدقت أقام علي الحد‏.‏ فتركها‏.‏ ثم عرضوا عليه الزنا‏.‏ فجاء ذلك الخاطر فتركه‏.‏ وكذا في السرقة‏.‏ فعاد الي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وقال‏:‏ ما أحسن مافعلت‏!‏ لما منعتني عن الكذب‏!‏ لقد انسدت أبواب المعاصي علي‏!‏

ما أجمل هدي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ فقد اهتدي بهديه الشريد‏.‏ وعاد الي رشده الطريد‏.‏ فهل نستطيع ان نهدي المعاند العنيد فيعود إلي الاسلام بثوب جديد ؟؟
والله من وراء القصد‏.‏