هيكل يحذر من أن الفترة القادمة ستكون الأصعب في تاريخ مصر

زائر

هيكل يحذر من أن الفترة القادمة ستكون الأصعب في تاريخ مصر ويستبعد سقوط النظام بسبب السخط الشعبي

كتب عبد القادر أحمد رمضان (المصريون): : بتاريخ 28 - 5 - 2008

أعرب الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل عن قلقه على مستقبل مصر خلال الفترة القادمة خاصة بعد تمديد الطوارئ لعامين قادمين، معربا عن اعتقاده بأن الفترة القادمة ستكون من أصعب الفترات في تاريخ مصر، وأن مصر ستواجه خلالها فيها مشاكل كبيرة.
وقال هيكل في ندوة ألقاها مساء أمس الأول بصالون الإمام محمد عبده الذي ينظمه نادي القضاة بالقاهرة، إن "السنتين القادمتين سنشهد فيهما مشاكل أتمنى أن تخرج منها البلد معقولة، وعلى كل الناس أن تتدبر مواقفها".
واعتبر موافقة البرلمان على تمديد حالة الطوارئ "حالة نذير"، واصفا الوضع الذي تشهده البلاد حاليا بأنه لم يسبق له مثيل، وحذر من محنة "شديدة" توقع أن تواجهها مصر خلال الفترة القادمة، و"ليس ردة لأنه لم يكن هناك ما نرتد عليه"، على حد قوله.
ووصف حركة المجتمع في مصر بأنها حالة تمرد وعناد، لكنه أعرب عن خشيته من أن تدخل البلد في مشاكل ليس لها حدود، وأبدى تشاؤمه إزاء الوضع في مصر على المدى القريب، لكنه متفائل "تاريخيا".
غير أنه استبعد سقوط النظام في ظل حالة السخط الشعبي، قائلا "الحكومات تسقط بسبب تعارض المصالح وليس بسبب الغضب الشعبي"، وأكد أن كل شيء في مصر يتم مراقبته "ولا يوجد تليفون واحد إلا والمتكلم فيه مسموع"، وأشاد بالصحافة المستقلة التي تسببت في حالة يقظة ووعي كبيرين.
وأبدى هيكل تخوفه إزاء الوضع الراهن بالوطن العربي، وقال "إن هذه اللحظة تذكرني بقسوة بتجربة الأندلس، فالدولة الإسلامية أو العربية في الأندلس تكاد تكون نموذجا لهذه المنطقة، لافتا إلى أوجه تشابه بين أسباب تداعى دولة الأندلس والوضع الحالي بالوطن العرب حيث التهافت على الغنائم والغيرة بين القادة.
وعلق هيكل على الأوضاع بالسودان، مؤكدا صعوبة استمرار الوضع الحالي، وإن "الكيان الموجود الآن في السودان غير قابل للبقاء كما هو، لأن هذا الكيان الجغرافي جمعته فتوحات وقت محمد علي وكشوفات بيكر، لكنه لا يوجد رابط يربط بين أطرافه، ويضم طوائف مختلفة الديانة واللغة والثقافة والأصل".
وقال "إن الأمل كان في توحيدهم، غير أن الاحتلال الإنجليزي قام بتقطيع أواصر البلد، حتى كان الاستقلال و الأمل في إعادة الوحدة بين الطوائف المختلفة، لأن هناك بعض الدول التي قامت على قوميات مختلفة، غير أن حاكم السودان لجأ إلى القوة و في النهاية هذا هو السودان الذي نراه الآن حركة انفصال في دارفور وفي الجنوب وفي الشرق ولكل منها أسباب وأصول"، وتابع "أن بعض المشاكل السياسية بعد طول إهمالها لا يعد يجدي معها إلا الجراحة".
و فيما يتعلق بالأزمة اللبنانية، قال هيكل "إن لبنان اجتاز أزمة خطيرة جدا كانت من الممكن أن تعصف بهذا البلد"، ونفى ما يقال عن كون لبنان رمزا للديمقراطية في الوطن العربي، قائلا "إن لبنان بلد ليس فيه ديمقراطية ولكن هناك شيء أهم من الديمقراطية هو الشرعية".
واستطرد قائلا: "إذا كنا متفقين على أن للمسيحيين وضعا خاصا في لبنان فإن هذا الوضع لا يتحقق بالديمقراطية ولكن بالتراضي، لأن الشرعية أهم من القانون، وأن أي اختلال في هذه الشرعية يؤدى إلى عواقب خطيرة جدا".
وعن اتفاقية الطائف التي أنهت الحرب الأهلية (1989)، قال هيكل إن هذه الاتفاقية دخلت فيها الكثير من الأموال وإن رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري قال له إن رئاسة الوزراء في لبنان كلفتني مليار دولار.
ورفض هيكل وصف الحريري بالشهيد، وقال "لا أعتقد أنه شهيد ولكنه كان سياسيا هائلا، لأن مليونيرا وشهيد صعب قوي"، وأشار إلى أن الحريري الذي اغتيل في بيروت قبل ثلاث سنوات وقع ضحية صراع كبير جدا، وأنه قام بأعمال كبيرة جدا في لبنان في ظل ظروف صعبة جدا.
وذكر أن الحريري قال له "إنني أحكم بمجلس وزراء ليس لي علاقة بهم، وثلث المجلس "تيوس" والثلث الآخر "تيوس" فقال له هيكل يبقى الثلث الباقي "فلوس".
وحمل هيكل بشدة على الدور السوري في لبنان، بقوله: "السوريون ارتكبوا أخطاء مروعة في لبنان، وأصبح هناك موقف متوتر جدا".
واتهم ثلاثة أجهزة أمن عربية – دون أن يشير إليها بالاسم - بالتورط في اغتيال عماد مغنية، القائد العسكري لـ "حزب الله" الذي اغتيل في وقت سابق من هذا العام في انفجار سيارته بدمشق، و قال إنه كان زائدا عن احتمال "حزب الله" أن يقتل رجل حوفظ عليه سنوات طويلة وقام بأعمال مشرفة، على حد قوله.
وعن اتفاق الدوحة بين الفرقاء اللبنانيين، أكد هيكل أن الذي صنع "معجزة الاتفاق" هو إحساس اللبنانيين على اختلاف طوائفهم أنهم على حافة هاوية، وأنهم كانوا يتمنون عقد هذا الحوار، لأن اللبنانيين أدركوا أن هذا البلد أصبح من الممكن أن ينفجر في أي وقت وأنهم انتهزوا فرصة وجود طرف عربي يجمعهم.
وتطرق هيكل إلى القضية الفلسطينية التي قال إنها في مأزق ولم يعد غير" بقايا جيوب وهي الناس التي تقول لا "كحزب الله و حماس وبعض قوى المقاومة الأخرى"، منتقدا الموقف العربي الذي وصفه بأنه لا يكاد يسمع عما يحدث في قطاع غزة من سوء أحوال.
وأوضح أن الفلسطينيين باتوا يعتقدون أن من يحاصرهم و يجوعهم ليست إسرائيل وإنما الدول العربية، وأضاف أن ما يحدث في فلسطين عبارة عن جيوب معزولة تتقاتل ولكنهم كلهم تحت الحصار.
وحذر من أن القضية الفلسطينية تصفى بقسوة ووحشية، مفسرا الخلاف بين حركتي "فتح" و"حماس" بأنه خلاف بين مدرستين مختلفتين أحدهما ترى أن الحل في التفاوض والأخرى تراه في المقاومة، كما أنهما وقعا بين معسكرين في العالم العربي أحدهما مع المقاومة والأخر مع التفاوض
غير أنه أكد أن إسرائيل تريد كل فلسطين، وأن الأجندة الوحيدة التي تتحرك في القضية هي الأجندة الإسرائيلية.
وحول الاحتلال الأمريكي للعراق المستمر منذ أكثر من خمسة أعوام، أكد هيكل أن هدف الولايات المتحدة وسياستها هي التواجد والاستيلاء على مصادر الطاقة وأن هذه السياسة مستمرة وستظل سياسة مستمرة و معتمدة في الولايات المتحدة.
وأوضح أن المشكلة بالنسبة للأمريكيين في العراق هي أن تكلفة الحرب الخسائر كانت أكثر من المتوقع، وأن واشنطن تحاول تدويل المعركة في العراق، وقال "لا أستبعد وجود قوات عربية في العراق في السنوات القادمة"، وتوقع عدم خروج الأمريكيين من العراق قبل 12 سنة.
وعن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المرتقبة، قال هيكل إن الولايات المتحدة غير مستعدة لأن تقبل "منور أو ست" في إشارة إلى باراك أوباما وهيلاري كلينتون اللذين يتنافسان للحصول على ترشيح الديمقراطيين، وأضاف "أننا أمام مرشح أسوأ من بوش"، قاصدا المرشح الجمهوري جورج ماكين.
وانتقل هيكل إلى الحديث عن سوريا وقال إنه يفرق بين سوريا التاريخية وسوريا النظام و"أنا عندي مشاكل مع نظام سوريا الحالي"، وأن هناك تململا من سوريا التي هي في حالة قلقة شديدة بسبب غيابها عن مصر،
وأكد أن النظام في سوريا اختلف الآن عما كان في عهد الرئيس حافظ الأسد الذي وصفه بالذكاء الفطري، وانتقد بشدة توارث السلطة في سوريا بهذا الشكل بين أفراد العائلة ثلاث مرات.
وهون هيكل من القلق المثار حول علاقة سوريا بإيران، بل أنه من الجيد أن تجد سوريا من تتكئ عليه، وأشار إلى أن سوريا ليست لاعبا رئيسيا ولكنها مطلوبة. وقلل من أهمية تفاوض سوريا مع إسرائيل، ووصفها بأنها ليست مفاوضات جادة ولن تكون لأن لا تفاوض في ظل موازين قوى واحدة ولابد من تغيير موازين القوى على الأرض.
وعن علاقة الدول العربية مع إيران، انتقد هيكل استعداء الدول العربية للنظام الإيراني، مؤكدا أن إيران من المفترض أن تكون رصيدا استراتيجيا يضاف إلى الدول العربية، "لأن إيران لم تبدأ الحرب معنا ولا أجد أسباب للاحتكاك أو تعارض في المصالح بيننا وبين إيران".
وحث مصر على تطبيع العلاقات مع إيران، قائلا إن هذين البلدين هما بلدان رئيسيان وإن ما بينهما من دول مجموعة من" الواحات"، ولا أفهم لماذا نعادي النظام الإيراني إلى الآن على الرغم أن لها مواقف متشابهة معنا كالوقوف ضد إسرائيل والقوى الغربية".
ورفض التحجج بالملف النووي الإيراني، مؤكدا انه يعلم أن إيران لم تتمكن من إنتاج القنبلة النووية وأنها لو وصلت لها خلال 8 أو 10 سنوات يكون شيئا جيدا، مستغربا القول من أن أمن مصر القومي مهدد بسبب القنبلة النووية الإيرانية التي ستخرج بعد 10 سنوات، وعدم الخوف من قنبلة نووية موجودة بالفعل داخل إسرائيل.
وأضاف قائلا "لا أتصور أن تحل الخلافات بيننا و بين إسرائيل بالتفاوض، و بيننا و بين إيران بالحملات ".
وتحدث عن المطامع الأمريكية في إيران من أجل السيطرة على مصادر الطاقة، وأكد أن كلا من إيران والسعودية والعراق مطلوبون باعتبارهم اكبر منابع البترول في العالم.