عفوا ابى العزيز ؟؟

«ابني ادخلني الدار دون ان يخبرني اني سأقضي فيها بقية حياتي» ب-

«اشعر اني مثل التحف الموجودة في المتاحف الكل ينظر الي نظرة تسودها الشفقة» ج-

عبارات دونتها «مراسله من اصدقائنا» من افواه بعض كبار السن النزلاء في احدى دور رعاية المسنين حيث كشفت النقاب عن بعض القصص والحكايات التي جسدت علاقة بعض الابناء بآبائهم.

زارت دار لرعاية المسنين واستطلعت واقعهم ميدانياً.

اعمار النزلاء تتراوح بين (50-100) سنة غالبيتهم من الذكور، وكثيراً منهم اودع الدار على غير رغبة منه. تضم الدار مئة وثلاثة نزلاء من الجنسين، كما تستقبل اعداداً من المسنين غير المقتدرين الذين يحولون بعد دراسة من وزارة التنمية الاجتماعية حيث تغطي الوزارة جزءاً من رسومهم اما الجزء الآخر فيتكفل به ابناء هؤلاء المسنين او من ينوب عنهم، وهناك من الجهات الخيرية من تقوم بتقديم المساعدات المالية لهولاء المسنين.

قصص واقعية

عندما كنا نتجول في ممرات وغرف الدار كانت نظرات المسنين تلاحقنا من مكان الى آخر متسائلة عن طبيعة العمل الذي نقوم به، كنا نرى الكثير من الكلمات الحائرة في عيونهم الحزينة واجسادهم النحيلة، العديد منهم ابدى رغبة واضحة بالتحدث معنا، شعرنا بانهم بحاجة الى من يتحدثون اليه ويبثون له همومهم واحزانهم التي باتت تؤرقهم.

الا ان هناك عدداً اخر رفض رفضاً باتاً مجرد التحدث معنا او حتى ان يجلس الينا، كان يهرب من زاوية الى اخرى لكي لا يرانا، كان يخفي في عينيه سراً لا يريد ان يكشفه لأحد.

زوجة الابن السبب

تقول الحاجة ام محمد التي تبلغ من العمر خمسة وستين عاماً: «ان سبب وجودي في هذه الدار هو معاملة زوجة ابني السيئة لي، فقد كانت تقوم باهانتي والصراخ في وجهي وتجعلني اقوم بجميع الاعمال المنزلية في البيت والتي كانت تسبب لي ارهاقاً كبيراً، وفي نهاية المطاف طلبت من ابني ان يأتي بي الى دار المسنين، لا اريد ان اخلق المشاكل بينه وبين زوجته». ولكنها عبرت عن ارتياحها في هذه الدار تقول: «الحمد لله انا الآن في قمة الراحة والطمأنينة، فالقائمون على خدمتي افضل بكثير من ابني»!!

اما عن برنامجها اليومي فتقول وهي في غاية السعادة: «اقوم في الصباح الباكر لأداء صلاة الفجر ثم اذهب لمساعدة المسنات وتلبية حاجاتهن فأقوم بإطعامهن وتأمين مستلزماتهن». وفي نهاية حديثنا معها سألناها عن أمنيتها؟ فقالت والأمل يحدوها: «اتمنى ان أؤدي فريضة الحج قبل ان يتوفاني الله».

الحاجة ام جمال قصتها عجيبة بعض الشيء فهي فلسطينيه الجنسية ولكن تعيش بمصر بحكم زوجها المصرى وابنائها وعندما جلسنا معها شعرنا بالحزن الكبير والحسرة التي كانت تكتنفها. تقول الحاجة ام جمال التي تبلغ من العمر سبعين عاماً: «درست ادارة الاعمال في جامعة القاهره بمصر وخلال دراستي الجامعية تعرف اليّ احد الطلاب المصريين وعرض عليّ الزواج ثم ذهب الى اهلي وطلب يدي منهم وعند اكمالنا الدراسة تزوجنا وجئنا الى مصر وعشنا بها ، خلال هذه الفترة انجبت منه ابني جمال وابنتي امل وكنا نعيش حياة ملؤها الحب والسعادة الى ان قدر الله تعالى ان يتوفى زوجي عندها بدأت رحلتى مع الشقاء والمعاناة».

تضيف: «توفيت ابنتي أمل خلال حريق حصل في المنزل، اما انا فقد اصبت بحروق بليغة نقلت على اثرها الى العناية المركزة في احدى المسشفيات وبقيت في المستشفى اشهراً طويلة، وكان ابني خلال هذه الفترة متزوجاً وفي يوم خروجي من المستشفى توقعت ان ارجع الى بيته ولكني دهشت عندما اتى بي ابني الى هذا المكان الذي لا اعرفه وقال لي: «يا أمي عايز اخليكي هنا اسبوع وارجع اخذك حتى تتعالجي. ولكن الاسبوع اصبح بقية حياتي، طلبت منه مراراً وتكراراً ان اعود الى البيت ولكنه كان يتهرب مني ويقول لي زوجتي تمنعني من ان احضرك الى البيت زوجتي لا تريدك».

«لم اتوقع في يوم من الايام ان يؤول بي الحال الى هذا المكان، بحياتي لم أكن اسمع عن دار اسمها دار المسنين، دخلتها وانا اجهلها، دخلتها وانا كارهة لها، انا لست سعيدة ولست مرتاحة في هذا المكان، كم كنت اتمنى ان اعيش مع ابني وبين احفادي، اشعر انني مثل التحف الموجودة في المتاحف، الكل ينظر الي نظرة شفقة ودهشة، اسأل الله سبحانه وتعالى ان ارجع الى مسقط رأسي وان اموت وادفن هناك، اما ابني فلن اسامحه يوم القيامة امام رب العالمين».

ابنائي نسوني

اما الاستاذ مايكل ابوانطوا فقصته مختلفة بعض الشيء، فقد حدثنا والحزن يعتصر قلبه: «انا موجود هنا منذ ثلاث سنوات، كان ذلك عندما اصبت بشلل نصفي اثناء قيامي باحد الاعمال الثقيلة، وكانت زوجتي في هذه الفترة قد توفاها الله، اما عن ابنائي الستة فجميعهم يعيشون خارج البلد، ابنائي جميعهم يعلمون ما آلت اليه اوضاعي ويعلمون انني موجود في دار للمسنين لكنهم لم يقوموا بزيارتي، ولا اعرف لماذا؟ ويبدو انهم قد تكاسلوا عن المجيء الي او انهم لم يعودوا بحاجتي! فانا اعتبرهم مثل «شوال الهم». اما عن امنته فقال والدموع تسيل انهاراً على وجنتيه: «اتمنى ان يرزقني الله الصبر ويكفينى الرب حاجتى اليهم ».

لا اريد ان اذكر الماضي

الحاج ابو ابراهيم عبر عن امنيته بان يبقى بعيداً عن ابنائه، يقول: «قدمت الى هذه الدار منذ خمس سنوات ووجدت من الراحة والطمأنينة ما لم اجده في بيتي. ابنائي لم يكونوا يعاملونني باحترام، انا لا اريد ان اذكر الماضي، انا ليس لي اولاد، ارجو ان تريحوني من اسئلتكم»، عندها قمنا بتوديعه وانصرفنا مدركين ان هناك من الهموم والاحزان ما يخفيها في اعماق قلبه الحزين.

ابنائي في غاية الطيبة، الله يبارك فيهم وفي اولادهم

هذه اولى الكلمات التي ابتدأ بها الحاج ابو احمد كلامه، حيث اتى الى دار المسنين قبل سبع سنوات دون ان يعرف ابناؤه الثلاثة شيئاً عنه، ولكنهم في نهاية الامر توصلوا الى مكانه وطلبوا منه العودة معهم الى البيت، لكن العجيب في الامر انه رفض العودة معهم.

يبرر ابو احمد تصرفه هذا ويقول: «صحيح انني قد قمت بتربية ابنائي وتعليمهم وتنشئتهم، ولكني في نفس الوقت اقدر وضعهم المادي السيئ لذلك لا ارغب في اكون عالة عليهم».

ابو خالد عبر عن ارتياحه لطبيعة الخدمات التي يجدها في الدار. يقول: «لو كنت موجوداً عند ابنائي لما وجدت هذه الراحة الجسدية التي اتمتع بها، اما عن الراحة النفسية فلا استطيع ان اجدها، فكم كنت اتمنى ان اعيش بين ابنائى، وكم كنت اتمنى ان اقضي بقضية حياتي مع احفادي ألاعبهم واجلس معهم، ولكنني في نفس الوقت لا استطيع ان اتقبل معاملة زوجات ابنائي».

وما اجمل الأمنية التي تمناها هذا الرجل حيث قال: «اتمنى ان يداوي الله تعالى جراحات المظلومين في فلسطين والعراق».

من جهتها لم تستطع الحاجة ام ادهم ان تخفي حزنها وتأثرها، فهي عانس لم يسبق لها الزواج، اخوتها قاموا بطردها من المنزل، حقيقة لم نستطع ان نكمل معها اللقاء بسبب الدموع التي كانت تعبر عن مأساتها، ولكنها ختمت بالقول: «اتمنى ان اموت لكي ارتاح من هذه الحياة الـ..».

احدى النساء قالت لنا ان ابناءها قدموا بها الى هذه الدار ووعدوها انهم سوف يعودون لأخذها بعد اسبوع، وهي الى الآن ما زالت تنتظر عودتهم رغم مضي سنوات عديدة على وجودها في الدار.

مسن آخر لم يكشف لنا عن اسمه اجهش بالكباء وقال: «ابني اخذ اموالي، ابني طردني من البيت، الله يلعن ابني، الله يغضب عليه..».

لكننا لم نستطع ان نتحدث معه او ان نستبين مأساته، لأن البكاء كان ملازماً له، وكانت الكلمات تتلعثم بين شفتيه كلام كثير كان يحاول ان يقوله لنا لكنه لم يستطع، ولا نعرف لماذا.

الادارة

من ناحيتها اكدت السيدة ه غ مديرة الدار ان العدد الاكبر من المسنين من الذكور، مفسرة ذلك بأن الرجل لا يستطيع خدمة نفسه في حال كبر، اما المرأة فتستطيع ذلك.

كما اكدت المديره ان هذه الظاهرة تزداد بشكل لافت للنظر في المجتمع العربى ، لأن هذه الفكرة كانت مرفوضة مجتمعياً لاعتبار الابناء ان هذه الدور مشينة للاهل، لكن هذه الفكرة من وجهة نظرها قد تبددت. وأضافت: «أغلب النزلاء الموجودين هم من بلاد مختلفه ومن المدن الكبرى، اما النزلاء الموجودون من المناطق الريفية فهم قليلون جداً لأن خدمة المسن في هذه المناطق تكون اسهل بسبب ان الاسر الموجودة هي اسر ممتدة حيث يستطيع اكثر من فرد خدمة هذا المسن على».

رأي الشرع : اتصلت صديقتى المراسله : اتصلت هاتفياً مع الدكتور احمد مصطفى القضاة وسألته عن رأي الشرع في هذه الظاهر فقال: «رعاية المسنين وخدمة العجزة واجب شرعي يقع اولاً على ذويهم لأنه من البر والاحسان المأمورين به شرعياً في قوله تعالى «واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين احساناً..» وأحق الناس بخدمة الوالدين ورعايتهم هم الابناء، فقد جاء رجل الى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له: «جئت ابايعك على الهجرة وتركت ابواي يبكيان، فقال ارجع اليهما فأضحكهما كما ابكيتهما». وكذلك يقع واجب الرعاية للمسنين على الدولة، ويتأكد هذا الواجب في حالة فقدان من يرعى المسنين من ذويهم، لأن حفظ النفس البشرية من الهلاك من الضرورات الخمس التي دعت اليها الشريعة الاسلامية، ولقد كانت سياسة عمر بن الخطاب صورة مثالية في رعاية المسنين حتى من غير المسلمين».



الحكايات فدار المسنين مازالت مستمره



وكل يوم بيزيد واحد فيهم بيحتاجه حد يزورهم متستغربش او تقولى احنا هنروح ازاى



بسيطه تقدرى وتقدر تعمل سيرش عالجوجل وتوصل لاماكن درا المسنين ببلدك



زيارتك ليهم حقيقى هتفرق معاهم كتير صدقنى مش هينكدوا عليك ولا هيخلوكى تبكى من مشاكلهم



لكن تقدر وتقدرى تساعدوهم بجانب الزياره الوديه



باى مبلغ مالى يساعد



احنا مبنجمعش تبرعات ولا بنحث على شىء غير مشروع

لا

بس بجد نفسنا انا وصديقاتى

كلنا نزور اهلنا فدار المسنين

حتى لو هما فعلا مش اهلنا

بس من زيارتنا ليهم حسينا انهم فعلا اهلنا



تحياتى لقلوبكم الرحيمه

اللى هتحس بمعاناتهم

ام يزن

موضوع رائع ام يزن

يالله عالانسان كيف يسوى هيك بالاهل ظلم وعدم مراعاه للجميل فحسبى الله فيهم